20 يناير 2020
.يضطر إليها الكفلاء في الأعمال المرتبطة بنقل الأموال والوثائق.حجز جوازات السفر. تجاوز يشرعه الكفيل لحماية حقوقه..المصدر : الخليج.العقد شريعة المتعاقدين، وعلى هذا الأساس فأي اتفاق بين صاحب العمل والعامل لديه، يجب أن يقوم على هذه القاعدة، فالعقد هو الاتفاق المشترك بينهما على هذا الإجراء أو ذاك، وعدم الاعتداد هنا برأي العامل؛ يعد مخالفة أو هدماً للقاعدة من أساسها؛ ومن ذلك نذهب للقول الآتي : .يلجأ كثير من رجال الأعمال، وأصحاب المنشآت والأعمال والجهات، إلى الاحتفاظ بجوازات سفر العاملين لديهم، وربما حجزها؛ بزعم انضباط أداء والتزام العامل أو الموظف دون التفكير في الهروب أو المغادرة، عقب ارتكاب مخالفة أو جريمة من أي نوع، وحفظ الجواز هنا يعده أرباب العمل ضمانة حماية لهم من غدر المكفول بأية صورة، وبالتالي خسارة المبالغ التي ترتبت على استقدامه وغيره، فضلاً عن تكبد رسوم أخرى مرتفعة؛ جرّاء ذلك، متناسين أو ربما متجاهلين ما أقره القانون في هذا الصدد من عدم السماح لهم بالاحتفاظ بجواز المكفول، إلا بالاتفاق والتراضي معه - عدا حالات معينة منها الأحكام القضائية- وبالتالي فالعقد هنا لم يعد شريعة تعاقد؛ لاستناده لقرار اتخذه طرف دون اتفاق أو موافقة الآخر..حجز جوازات المكفولين يراه بعض العمال كالسيف المسلط على رقابهم من كفلائهم، وفي ذلك شكاوى متعددة منهم؛ إذ قد يتعنت الكفيل مع العامل أو الموظف حال طلبه جوازه للسفر لبلده لأمر طارئ، وقد يجبر صاحب العمل العامل بالتنازل عن مستحقاته المالية حال إنهاء خدماته مقابل تسليمه جواز سفره، مع إجباره بالتوقيع على استلامها، وغير ذلك من الصور السلبية؛ جرّاء الاحتفاظ بجوازات سفر المكفولين، على الرغم من أن وزارة الداخلية كانت أصدرت خلال عام 2002، قراراً يعد جواز السفر وثيقة شخصية، ويلزم القانون صاحبه بالاحتفاظ به، وإظهاره للسلطات الحكومية حال طلبها ذلك، ولا يجوز لأي طرف احتجاز جواز السفر إلا من قبل الجهات المسؤولة، ويترتب على هذا التصرف عقوبة حبس وغرامة..حول المبررات المطروحة للاحتفاظ بجوازات سفر المكفولين، وأهمية الالتزام قانوناً بتسليمها لهم، ووجوب تمتع المكفول بحقه المشروع في احتفاظه بجواز سفره معه، والضمانات الواجبة لطمأنه الكفلاء، تأتي الآراء : .حقوق الكفلاء.بداية يطرح عبيد الطنيجي (رجل أعمال) بعض المبررات التي تدفع رجال الأعمال، وأصحاب الشركات والمؤسسات للاحتفاظ بجوازات سفر عمالهم، ومن ذلك : الخوف من إساءة العامل التصرف ومن ثم الهروب إلى بلده، بما يصعب معه استرجاعه، لاسيما إذا كان يعمل في مكان يحتوي على أموال، ووثائق ومستندات مهمة؛ حيث قد يغادر دون عودة، فضلاً عن إمكانية أن يلجأ إلى تهديد الكفيل بأية صورة، إلى جانب إقامة عمال البناء تحديداً في سكن مشترك ومزدحم، وتشاجرهم بشكل مستمر مع بعضهم، بما يترتب أن تكون جوازات سفرهم مع كفلائهم، حتى لا يرتكب أحدهم جريمة ويهرب، مؤكداً حرص جميع مواطني الدولة على خدمتها، والتسليم بقوانينها، والموافقة التامة على كل إجراءاتها، آملاً في ذلك حفظ حقوق الكفلاء المواطنين؛ من خلال ضوابط معينة، بأنه إذا تم الإلزام بتسليم جوازات السفر للمكفولين، فيجب ألا يسمح بسفر المكفول إلا بوجود رسالة من كفيله معه بأنه لا مانع من سفره، أو وضع آلية أخرى تضمن للكفيل العلم بسفر المكفول؛ لضمان عدم ارتكابه مخالفة من أي نوع قبيل سفره..لا يشكل تهديداً.اتفقت سيدة الأعمال نعيمة الزعابي مع ما طرحه الطنيجي، مستكملة بالقول : إن الدولة كفلت حقوق العمالة في جميع النواحي المعنوية، والمادية، والإنسانية؛ لذا توجد أكثر من 200 جنسية فيها والجميع يتعايشون على أرضها في أمن وسلام، ويتمتعون بحقوقهم كافة أكثر من بلدانهم، فيما قد تكون هناك تجاوزات من بعض العمالة؛ ومنها الهروب من الكفلاء، مما يترتب عليه خسائر مادية ومعنوية تلحق بهم، إضافة إلى تأخير العمل، وأيضاً قد ينقل العامل عقب هروبه كفالته لشركة أخرى، مما يلحق أضراراً وخسائر مادية عدة بالشركة الأولى التي هرب منها، علاوة على ما يترتب على الكفيل من دفع مبالغ مادية حين تسجيله بلاغ هروب العامل، بما يزيد الضرر عليه، فضلاً عن إقامة بعض العمالة الآسيوية في سكن مشترك متكدس، مما يعرض جوازاتهم للضياع، وبالتالي وحين تجديد إقامة العامل يتحتم على الكفيل استخراج جواز سفر بديل لهذا العامل، ويترتب على ذلك غرامات وخلافه، علاوة على طول الوقت الذي يستغرقه استخراج الجواز؛ لوجوب مخاطبة سفارة بلده وغير ذلك من الإجراءات؛ لذلك يفضل بعض الكفلاء الاحتفاظ بجوازات العمال؛ كونها وثائق رسمية تستوجب الحرص في المحافظة عليها، فيما لا يشكل ذلك تهديداً للعامل؛ حيث لا يمانع الكفيل في إعطائه له، إذا طلبه في أي وقت..اتفاق الطرفين.وبالنظر في الموقف القانوني من حجز الجواز، جاء القول الفصل من المستشار أحمد سيف رئيس المحكمة المدنية في محاكم دبي، بأن القانون لا يسمح للكفلاء بالاحتفاظ بجوازات سفر المكفولين، وعليهم الالتزام بذلك، مفنداً بعض التفاصيل، ومنها وفق قوله : تقييد الحرية لا يعني الحبس، وخلافه، في ضوء أن القانون نظم المنع من السفر، وحجز جواز الشخص؛ بناء على معايير محددة، خشية الهروب، أو السرقة وغيرهما، أما من ينوي ارتكاب فعل خاطئ أو مخالف، فلن يوقفه حجز جواز سفره أو غيره؛ لذا يجب ألا يعامل الكفلاء جميع مكفوليهم بسوء نية؛ حيث - مثلاً- يحتفظ كثير من الكفلاء بجوازات سفر خدم منازلهم، والأمر في ذلك قائم في معظم البيوت؛ خشية السرقة والهرب، في حين على الكفلاء إجمالاً الاحتياط للأموال، والمجوهرات والأشياء الثمينة في بيوتهم؛ إذ إن المال السائب قد يعلم السرقة، وبالتالي لو فرضنا جدلاً تصميم الكفيل على الاحتفاظ بجواز سفر خادمته، فيجب أن يكون ذلك برضا واتفاق الطرفين؛ حيث نظم قانون العمل العلاقات بين الأطراف، وجعل وثيقة السفر مملوكة للمكفول، وليس لصاحب العمل، ولا يحق لأية جهة الاحتفاظ بها، إلا وفقاً لحالات محددة قانوناً؛ مثل وجود أمر من المحكمة، أو من النيابة، أو أية جهة إدارية صاحبة علاقة؛ حيث يسمح القانون بشكل عام بالاحتفاظ بوثيقة سفر الأفراد وفق الأسباب المحددة قانوناً، وفي غيرها يمكن أن يطلب العامل من كفيله الاحتفاظ بجواز سفره، من دون سند قانوني، وبالاتفاق والتراضي بينهما، فيما إذا رفض الكفيل ذلك، فللمكفول حق اللجوء للمحكمة، وطلب إلزام صاحب العمل برد جوازه له، وإن تعنت الكفيل يصبح مخالفاً لقرار المحكمة والقانون، وفي هذه الحالة هناك إجراءات تنفيذية تطبق عليه؛ لتعطيله الأوامر القضائية، وفي إمارة دبي يوجد قانون مخالفة القرارات والأوامر المشروعة..فضلاً عمّا سبق فهناك بعض المهن كالمحاسبة والصرافة، والتي يلجأ فيها أصحاب العمل للاحتفاظ بجوازات سفر العاملين فيها؛ خوفاً من الاختلاس ومغادرة الدولة إن كانت جوازاتهم معهم، وأيضاً في هذه الحالة يجب أن يكون ذلك بالاتفاق والتراضي، وإن رفض المكفول ذلك من صاحب العمل فمن حقه اللجوء للمحكمة، أو طلب إلغاء علاقة العمل بينهما، فيما لا يجب أن يعتقد الكفيل أن احتفاظه بجواز سفر المكفول من أصحاب هذه المهن، يمكن أن يحميه من السرقة؛ لأنه حال حدوث ذلك، وبالتبليغ عن المكفول، المختلس، يتم حبسه، ويصدر حكم بإبعاده، وتطالب الجهة المختصة كفيله عقب انتهاء فترة عقوبته، بتسليم جواز سفره لتسفيره، وفي الوقت ذاته قد لا يرجع ما اختلسه من أموال؛ لأنه قد يكون حولها إلى دولته؛ لذا فالتدقيق على أداء هؤلاء، ومتابعتهم يحمي صاحب العمل من التعرض لسرقة أو غيره، وليس الاحتفاظ بجواز الواحد منهم، وبشكل عام فالأمر برمته يعود إلى تطبيق القانون، الذي لا يسمح بحال بحجز جواز المكفول، دون الحالات التي نظمها ونص عليها..تشديد العقوبات.أيدت المحامية منوهة هاشم القول السابق معتبرة أن مشكلة حجز جواز سفر العامل من المشكلات المشهودة في الوقت الراهن على الساحة، وتعد ظاهرة إن صح التعبير، ومبررها - كما ترى- أن أرباب العمل يحجزون جوازات العمال؛ خشية هروبهم؛ لأنه في حال هروب العامل يترتب على ذلك ضياع المبالغ التي صرفها الكفيل على هؤلاء لاستقدامهم وتشغيلهم وغير ذلك ويذهب المال هباء منثوراً، واللافت اعتقاد البعض أن جواز السفر وسيلة لضبط العامل أو الضغط عليه؛ لذا يحرصون على احتجازه فور وصوله من بلده؛ ظناً أنّ وجود الوثائق لدى صاحب العمل، سواء العائلة أو المؤسسة، هو الضمان لعدم هروب العامل..وبحسب قولها : المعروف أن الأنظمة القانونية في دولة الإمارات منعت ذلك؛ حيث شددت على عدم أحقية احتفاظ صاحب العمل بجواز سفر الموظف، وأوضحت الدائرة القانونية في وزارة العمل، أن حجز جوازات سفر العمال، يعد انتهاكاً لاتفاقية منظمة العمل الدولية لإلغاء العمل القسري، التي وقعت عليها الإمارات، فيما وخلال 2002، أصدرت وزارة الداخلية قراراً يعد جواز السفر وثيقة شخصية، ويلزم القانون صاحبه بالاحتفاظ به، وإظهاره للسلطات الحكومية حال طلبها ذلك، ولا يجوز لأي طرف احتجاز جواز السفر إلا من قبل الجهات المسؤولة، ويترتب على هذا التصرف عقوبة السجن والغرامة..وبالتالي فاحتفاظ أصحاب الأعمال بجوازات العاملين لديهم، يسبب أضراراً كبيرة لا تحمد عقباها، وعليه لابد أن يحمل الموظف جواز سفره، ويعطى اعتباره القانوني، المكفول له (شرعاً وقانوناً)..وهنا نقول : لا يوجد عاقل يسعى لقطع رزقه فإن أحسن أصحاب العمل إلى عمالهم وموظفيهم، فلن يدفعهم ذلك للهرب بأي حال من الأحوال، وهناك ما يُسمى باتفاقات داخلية، ومنظومة إدارية داخل المؤسسة، تضمن لكل حقه، وبالتالي يعرف ماله وما عليه، والاحتفاظ بجواز السفر؛ يعد من الجور الذي نهت عنه الشريعة والقوانين المحلية، والأنظمة الدولية؛ لذا فالحرص واجب بإعطاء كل ذي حق حقه، والجواز من حق العامل..الحقيقة لا بد من إعادة النظر مرة أخرى في هذه القضية، وتشديد العقوبات على كل مخالف..جهات محددة.وذهب محمد مبارك مدير إدارة الشؤون القانونية في وزارة الموارد البشرية والتوطين، إلى أن جواز السفر وثيقة شخصية لكل فرد، ولا يجوز لأي كان حجزها، فيما إذا تجاوز أي طرف كان بحجز جواز سفر العامل أو أي شخص، يعد ذلك اعتداء خارجاً عن إطار القانون؛ لأن حجز جواز السفر صلاحية ممنوحة لجهات محددة، ولأسباب معينة، كالشرطة، والنيابة والمحكمة، ولابد أن تكون الأوامر بهذا صادرة من هذه الجهات، قائلاً هنا : خلاف ذلك يعد تجاوزاً للنظم والقوانين، على الرغم من أن البعض يبرر حجز جوازات سفر العمال بأنهم يسكنون في ثكنات عمالية كبيرة العدد، فخوفاً من ضياع جوازات سفرهم أو تلفها، يتم حجزها، على الرغم من أن هذا عذر لا يجوز؛ لأنه من الممكن أن يتفق صاحب العمل مع العامل على الاحتفاظ له بجواز سفره، وليس حجزه؛ لأن الحفظ يعني أن الكفيل أمين على الوثيقة لفترة، حتى إذا طلبها العامل تعطى له مباشرة، دون أية عراقيل، أو أعذار، ويختلف ذلك عن حجز الجواز الذي يعد من الإجراءات التي تقوم بها الجهات الشرطية أو النيابة والمحكمة؛ لأسباب معينة، فيما حجز الكفيل لجواز المكفول يعني تحكمه في متى وأين وكيف يسلمه له، وهذا ليس من اختصاص صاحب العمل، وإنما الجهات سالفة الذكر..الحفظ وليس الحجز.والواقع حالياً في سوق العمل، التزام معظم أصحاب العمل بالتعليمات والتوجيهات، بعدم حفظ أو حجز جواز سفر العمال، وهو بدوره أدى إلى أن أعداد الشكاوى العمالية في هذا الخصوص تكاد تكون معدومة أو محدودة جداً، فيما في حال ورود مثل هذه الشكاوى، فإنه يتم استدعاء صاحب العمل، ومطالبته بتسليم العامل جواز سفره فوراً إن كان بحوزته، وفي الأغلب يتم القول إن الجواز مع الكفيل من باب الحفظ، وليس الحجز، ويتم تسليمه لصاحبه فوراً، وإذا تبين أن صاحب العمل تعمد حجز الجواز، وليس حفظه، تحال الشكوى للقضاء، الذي ينسق مع الشرطة؛ لتسليم العامل جواز سفره، وإذا تعنت صاحب العمل أو حاول الانتقام من العامل بعد تسليمه جوازه بحرمانه من حقوقه، فإن الوزارة تتصدى لذلك؛ بتمكين العامل من الحصول على مستحقاته، وإذا تعذرت التسوية، تحال الشكوى إلى القضاء في مسألة المستحقات المترتبة للعامل من قبل صاحب العمل..قانون العمل جعل وثيقة السفر من حق المكفول وليس صاحب العمل.د. سالم الشويهي : حرية شخصية مع عدم الإضرار بالآخرين.أوضح الباحث الشرعي د. سالم الشويهي أن الدولة كفلت الحرية الشخصية لجميع من على أرضها، ومن ذلك الحقوق الشخصية للمكفولين، وأن هناك قرارات صادرة من وزارة الداخلية تمنع الكفيل من حجز جواز سفر العامل إلا بحكم قضائي؛ سواء كان هذا العامل يلتزم معه بعقد عمل أو كخادم، إلا برضى من المكفول، قائلاً : الحقيقة أن بعض الكفلاء يحتفظون بجوازات مكفوليهم وبالذات للخدم، أو العاملين في منازلهم، كما يحتفظون بجوازات أهل البيت من باب الحماية والصون لها من الضياع، والاكتفاء بتسليمهم الهوية الشخصية، كونها البطاقة الرسمية للتعامل بها في مختلف الجهات..كما أن بعض الشركات والمؤسسات قد تحتفظ بالجواز لأسباب عدة من بينها خشية ضياع مال الكفيل الذي يؤتمن العامل عليه، وخوفاً من هروب المكفول وسفره المفاجئ، ومن ثم تبديد العهدة التي بحوزته والكُلفة التي صرفت عليه للاستقدام وإجراءات الإقامة وما إلى ذلك، كما هو حاصل في بعض الحالات، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : لا ضرَرَ ولا ضرار؛ أي أن الإنسان لا يجوز له أن يضرّ بنفسه ولا بغيره، وهذا الحديث مع قصر ألفاظه، واختصار كلماته؛ فهو قاعدة عظيمة، ومن خلال هذا الحديث الشريف أوضح النبي صلى الله عليه وسلم ووضع لنا أسس الحياة الصحيحة التي يسودها العدل، ويتحمل فيها كل فرد تبعات عمله دون ضرر لغيره، وفي الحديث : أن الشرع لا يقر الضرر، ولا الإضرار، فمن شروط حرية الفرد الشخصية في الإسلام عدم الإضرار بالآخرين مادياً، أو معنوياً، أو حسياً، كما هو الواقع من بعض المكفولين...